جزيل الشكر لمجلس الدوي
ساحة ومدرسة الدوي
كتبت/ فاطمة العالي
تصوير/ ابتسام بدر الذُخر
في لقاء أجرته الفنر مع الاستاذ محمد الجزاف تحدث فيه حول مدرسة و ساحةالدوي، بدأ حديثه قائلاً، أُنشأت مدرسة عمر بن عبد العزيز الابتدائية للبنين في مطلع الستينيات، في فترة كانت تشهد زخماً ثقافياً كبيراً في البحرين وفي المحرق على وجه الخصوص، وفيها من الشعراء والكتّاب والمسرحيين والمثقفين، ما يعجز اللسان عن رصده، لما أُنشأت أول مدرسة في جنوب منطقة الحالة، الممتدة من قلعة بو ماهر إلى ” فريج المهزع وفريج الزياينه“ هذه المسافة كلها أحتوتها المدرسة التي تُسمى مدرسة عمر بن عبد العزيز والمشهورة بإسم مدرسة الدوي.
تأسيسها
أُفتتحت المدرسة في عام ١٩٦١، وتم العمل عليها لمدة ثلاثة أعوام تقريباً، وكما قال الأستاذ إبراهيم بن عبد الله الدوي، والأستاذ ابراهيم الدوي - بو أحمد ، إن الأستاذ المرحوم أحمد العمران كان من أصدقاء والملازمين لرجال عائلة الدوي، ومن بينهم المرحومين (بإذن الله) جمعة الدوي وخليل الدوي، وكانت عمارة الدوي من العمارات البارزة والمعروفة في المحرق، وكان لها زخماً كبيراً وجمعت بين رجالاتها والرجال الذين يرتادونها، وكان من بين الشخصيات الكبيرة التي ترتادها الأستاذ أحمد العمران، الذي كان في ذلك الوقت رئيساً لدائرة المعارف، التي سُميت بوزارة التربية والتعليم فيما بعد، الأستاذ أحمد العمران كان من سكّان ” فريج المعاودة ” في المحرق، وهو ابن المحرق وابن منطقة الحالة تحديداً، ولذلك أقترح على عائلة الدوي أن تُبنى هذه المنطقة البحرية التي تطل على مشارف البحر، وهي المنطقة المقابلة لمدرسة الاستقلال حالياً، أن تُبنى مدرسة للبنين في هذه المنطقة، وبالفعل تم البناء، وبفضل عائلة الدوي جزاهم الله خير الجزاء بقيادة العم المرحوم عبد الله الدوي، وأخوانه الكرام، بُنيت هذه المدرسة، وشيدت معمار تربوي في هذه المنطقة، في مساحة شاسعة، وألتحق بها الكثير من أبناء المنطقة، الذين نفتخر بهم ويشكلون نسيج ثقافي واجتماعي في البحرين ككل.
د. عدنان بومطيع ود. خالد بومطيع (الابتدائي/الآن)
النسيج المحرقي الأصيل
أنا كمدرس عُينت في هذه المدرسة بعد مرور ستة أعوام على إنشائها، في اكتوبر ١٩٦٧، وكان من ضمن الذين عُينوا معي، هم الأستاذ خليفة بن يعقوب العامر، والأستاذ يوسف الساعاتي، وعبد الحميد الأنصاري الذي سبقني، وكانت المدرسة في ذلك الوقت تزخر بالكثير من المدرسين المعروفين، والمرحوم الأستاذ أحمد عاشور كان مدرساً فيها، والمرحوم الأستاذ علي جان، وأول مدير بها كان الأستاذ مبارك سيّار، وكان أختيار موفق لهذه المنطقة ولأبناء هذه المنطقة، أن يكون إنسان مربي وفاضل كالأستاذ ٠المرحوم مبارك سيّار مديراً للمدرسة، وكان سكرتير المدرسة ( مساعد المدير ) الأستاذ المرحوم علي حسن قمبر، والرجل الثالث في المدرسة هو الأستاذ المرحوم جاسم محمد البوسطه، كانت المدرسة تضم مجموعة وتزخر بكوكبة كبيرة من المدرسين الأفاضل، وكان من بينهم الأستاذ محمود عبد الغفار، ومحمد جاسم عبد الغفار، وعبد الله حسين، وعبد الله فارس الساعاتي، وجمعة العامر، وفؤاد بوراشد، وجاسم البدل الذي كان من أفضل مدرسين الرياضيات، وكانوا جميعاً مجموعة تركت بصمة واضحة، وكانت أيضاً تزخر بجموعة من الطلبة الذين شغلوا مناصب بارزة في البلد، وكانوا من الطلبة الجديرين بالفخر، لتفوقهم وذكائهم واحترامهم وتوقيرهم للمدرس، وكانوا يمثلون النسيج المحرقي الأصيل، ومن بينهم جمال هزيم الذي كان مدير تنفيذي في احد البنوك، والشيخ خليفة بن حسن آل خليفة الذي صار مديراً لإدارة المرور، ووكيل لوزارة الداخلية فيما بعد، ومنزله كان يقع في قلب المنطقة بجانب منزل بيت حسن السيسي وجماعة الدوي، ومازن مطر رجل الاعمال المعروف هو ووالده بالأيادي البيضاء، وهود مطر، والفنان عبد الله ملك من الطلبة الذي في فترة ١٩٦٨ والعام ١٩٦٩ وأخيه المرحوم أحمد ملك، والمرحوم مراد ملك كانوا جميعهم من الطلبة البارزين في المدرسة، والاعلامي المعروف سامي هجرس، والآن مستشار ولي العهد للشؤون الإعلامية، والدكتور خالد بومطيع كان من الطلبة النجباء البارزين، وشقيقه الدكتور عدنان بومطيع، ويوسف بن أحمد الحادي، وعبد الله الحادي، ومحمد الفايز، عوائل الفايز والزياني والكوهجي وبومطيع، جميعهم كانوا من أبرز العوائل وأبنائهم كانوا من مجموعة الطلبة البارزين، وواصلوا دراساتهم العليا، ووصلوا إلى مناصب بارزة.
مدرائها
كنت مدرساً في المدرسة من العام ١٩٦٧ إلى العام ١٩٧٦، ونُقلت بعد ذلك إلى وزارة التربية والتعليم، واستمرت المدرسة، ولازالت باسمها ولكن في مقرها الجديد في منطقة الحالة، والمدير الثاني الذي واذكره هو الأستاذ مبارك بن دينه، والأستاذ المرحوم علي حسين القلاف أيضاً من الذين تولوا منصب مدير المدرسة، والأستاذ خليفة عبد الله أطال الله في عمره.
لم تكن مجرد مدرسة
كانت المدرسة شبه جامعة في ذلك الوقت، ولم تكن مجرد مدرسة، وشهدنا العديد من المواقف الظريفة بها، مثلاً حين طفح الماء في الطابور ووصل إلى الأرجل، لأن المدرسة كانت تقع على البحر مباشرةً، وأيضاً الحمامات ومراحيض الطلبة (أجل الله قدر من يقرأ)، لم تكن تحتوي على ” سيفون ” كان كل شي بنزل على البحر مباشرة، والساحة الرياضية الرياضية زاولت عليها أنشطة وكانت الساحات في ذلك الوقت قليلة، الا الساحات الموجودة في نادي المحرق.
كوكبة مميزة من المدرسين
المدرسين كانوا بمثابة نماذج في كل الجوانب، فالمرحوم الأستاذ جاسم البوسطة، كان سكرتير المدرسة ومسؤول المستوصف، لكنه كان على قدر عالي من خفة الظل، وتجمعه علاقة مع الطلبة جعلت الجو المدرسي جو خفيف، وخالي من الرهبة، وكان هناك أنشطة مثل نشاطات الكشافة، وكنت مع المرحوم ابراهيم صالح، أسسنا الكشافة، ولكني لم أستمر
لإنشغالاتي بأشياء أخرى، جميع المدرسين كان لهم الدور الجيد والسمات الشخصية المميزة، ومن أبرز هذه الشخصيات هي شخصية الأستاذ محمود عبد الغفار، الذي سبقني بحوالي عامين، هذا الرجل يمتلك آلة تصوير أشتراها بعد أول راتب أستلمه، لحبه للتصوير ولرصد كل اللحظات والتفاصيل، وصور جميع المراحل التعليمية في المدرسة، وفي مدارس أخرى أيضاً، كان يصورنا لسنين طويلة صورة جماعية في كل عام دراسي، ويكتب جميع أسماء الطلاب على الصورة، ويصور الرحلات ولحظات الامتحانات، ومرحلة التسجيل وأول يوم دراسي، كانت مشاهد حميمية لازالت محفورة في الذاكرة، ونتذكرها بحب وشغف، ونتذكر أولئك الطلبة الذين حين نراهم الآن نشعر بإننا أستطعنا أن نخلق شيئاً في هذه الأجيال التي تنفع المجتمع البحريني، كان الأستاذ محمود قد أخبرني قبل شراء الآلة عن نيته بالشراء، وبالفعل ذهب إلى المصور المشهور عبد الله الخان، واستشاره عن نوع ممتاز بالمبلغ الذي لديه وهو ستون ديناراً، وكان هذا معدل رواتبنا في ذلك الوقت، أنا دخلت إلى سلك التدريس في العام ١٩٧٦ براتب اثنان وخمسون ديناراً ونصف، وزميلي أبو أحمد أنضم إلى سلك التدريس في العام ١٩٦٥ براتب خمسة وأربعون ديناراً، وكانت هذه الرواتب تحمل قيمة مختلفة عن زمننا الحالي، فقد كانت تعيشنا عيشة كريمة، وأنا تزوجت وأسست منزلاً براتب إثنان وسبعون ديناراً ونصف.
لإنشغالاتي بأشياء أخرى، جميع المدرسين كان لهم الدور الجيد والسمات الشخصية المميزة، ومن أبرز هذه الشخصيات هي شخصية الأستاذ محمود عبد الغفار، الذي سبقني بحوالي عامين، هذا الرجل يمتلك آلة تصوير أشتراها بعد أول راتب أستلمه، لحبه للتصوير ولرصد كل اللحظات والتفاصيل، وصور جميع المراحل التعليمية في المدرسة، وفي مدارس أخرى أيضاً، كان يصورنا لسنين طويلة صورة جماعية في كل عام دراسي، ويكتب جميع أسماء الطلاب على الصورة، ويصور الرحلات ولحظات الامتحانات، ومرحلة التسجيل وأول يوم دراسي، كانت مشاهد حميمية لازالت محفورة في الذاكرة، ونتذكرها بحب وشغف، ونتذكر أولئك الطلبة الذين حين نراهم الآن نشعر بإننا أستطعنا أن نخلق شيئاً في هذه الأجيال التي تنفع المجتمع البحريني، كان الأستاذ محمود قد أخبرني قبل شراء الآلة عن نيته بالشراء، وبالفعل ذهب إلى المصور المشهور عبد الله الخان، واستشاره عن نوع ممتاز بالمبلغ الذي لديه وهو ستون ديناراً، وكان هذا معدل رواتبنا في ذلك الوقت، أنا دخلت إلى سلك التدريس في العام ١٩٧٦ براتب اثنان وخمسون ديناراً ونصف، وزميلي أبو أحمد أنضم إلى سلك التدريس في العام ١٩٦٥ براتب خمسة وأربعون ديناراً، وكانت هذه الرواتب تحمل قيمة مختلفة عن زمننا الحالي، فقد كانت تعيشنا عيشة كريمة، وأنا تزوجت وأسست منزلاً براتب إثنان وسبعون ديناراً ونصف.
أول دور انتخابي
أيضاً من دور المدرسة وما تتمتع به من مساحة كبيرة، بالاخص ساحة كرة القدم والساحة الداخلية والفصول التي كانت فصول واسعة، تم أختيار المدرسة في عام ١٩٧٣ في أول عمل إنتخابي شعبي تنظمه الحكومة، تم أختيار مدرسة الدوي كمركز انتخابي لمنطقة الحالة من جنوبها إلى شويطر ومنطقة السوق المحيطة به، في هذه الدورة كان المشاركين نخبة من الشخصيات المعروفة في المحرق، مثل المرحوم جاسم محمد مراد، والناشط السياسي في ذلك الوقت الأستاذ عبد الله بن علي المعاودة، وخليل بن إبراهيم الدوي، وحسن العربي، وسالم سبت، ومحمد سالم الضاعن، وكانوا يختارون إثنان في كل دورة، وفاز في تلك الدورة في عام ١٩٧٣، جاسم مراد وعبد الله المعاودة، بالإضافة إلى دور المدرسة التعليمي والتنويري، كان لها أيضاً دوراً مجتمعي، من خلال الاتصال بهموم الناس وبالمتغيرات والتحولات التي تطرأ على المجتمع، كالتحولات النيابية والديمقراطية وغيرها، وهذا كان دور بارز يُسجل لمدرسة الدوي، ويُسجل للقائمين ولأصحاب هذه الفكرة، جزاهم الله خير الجزاء.
أحمد خليفة الفايز متحدثاً
التقت الفنر أيضاً بالأستاذ أحمد خليفة الفايز، وقال بادئاً حديثه: ” سأتحدث عن مدرسة الدوي قبل أن تصبح مدرسة“، كان منزل فيصل جمعة وأحمد جمعة موجود في المنطقة الشرقية بجانب العرش ( العريش: وجمعه عرش وهي البيوت المبنية من سعف النخيل ) من هذه الساحة، شب حريقاً فاحترقت العرش واحترق منزل أحمد ومنزل فيصل، هذه المنطقة كانت كانت أرض محروقة قبل أن تصبح مدرسة الدوي، وكان يطل على البحر منزل شريف، وكنا نحن في الجهة المقابلة، أمام بيت فخرو، وهناك عرش ومن ضمنهم منزل عبد الرحمن الدب مقابلاً لمنزل فخرو، هذه الأرض التي أحترقت وتعود ملكيتها لعائلة الدوي، ظلت خالية لفترة، وكنا نلعب الرياضة أسفل سدرة منزل فخرو، كنا نأكل ثمر الكنار ومن ثم ننزل للعب المباراة، ويمتد ملعبنا إلى منزل حميد فخرو، وكان لدينا فريق يُسمى فريق الوطن، وكتبت على حائط المنزل كلمة الوطن وحين لم تكن هناك مساحة في الأعلى لكتابة كلمة فريق، كتبتها في الأسفل، فجائني حميد فخرو وقال لي: ” اش كاتب إنت ” قلت له إنا كتبت فريق الوطن، وقال لي: ” إنت كاتب الوطن فريق“ قلت له إنه لا يوجد فكتبتها بالاسفل، وكانت هذه من المواقف الطريقة.
اللاعبين
كان من ضمن اللاعبين الموجودين حسن صباح وحارس المرمى خليفة الزياني وكان حسن صباح حين يُسجل الفريق الخصم علينا ” قول“، يأتي إلى خليفة الزياني ويركله لأنه سمح للكرة أن تمر وتسبب في تسجيل القول ” الهدف ”، وكان هذا الفريق من أبناء ” الفريج ” وما كانت لدينا ساحة نلعب فيها إلا هذا الممر الممتد، وبعد أن شب الحريق وتأسست مدرسة الدوي، الجماعة كونت فريق السد العالي، وبدأ في نادي المحرق الثقافي، أختلفوا مع إدارة النادي فخرجوا وأجروا ” دكان“ في بيت يوسف راشد المحميد، وكان من مؤسسي الفريق محمد الزياني وعبد العزيز بوحسين ويوسف راشد وأخيه، كانت هذه بداية تأسيس فريق السد العالي، أنا لعبت معهم ولكن لأنني كنت لاعب في نادي المحرق لم أكن ألعب معهم إلا في الصيف، الفريق حصل على بطولة بوسمرة في كرة القدم.
” بستوق“ بدلاً عن الكأس
كنا نتمرن في ساحة مدرسة الدوي، وكان يلعب في ساحة الدوي جماعة من ” الفريج ” ومنهم جعفر حبيب ولاعب آخر اسمه حسين، هؤلاء من أتذكرهم، المباراة تُقام على بستوق ” بسكويت ” يشترونه والفريق الفائز يحصل عليه ويتقاسمه اللاعبين فيما بينهم، فريق السد العالي فقط كان يتمرن في ساحة مدرسة الدوي أما اللعب فقد كان خلف بيت الشيخ حمد في الباحة بجانب ” الجليعة ” بالكرة المطاطية التي حين تصيب أحداً في وجهه تختلط قوتها مع الماء فيتورم وجهه ويخرج من اللعب متألماً، وكان قبل مدرسة الدوي، فريقين موجودين، فريق التحرير وفريق سينالكو، وحين سألتهم عن سبب التسمية، قالوا نحن لا نملك المال لشراء ملابس اللعب والكرة، وسينالكو الذي هو مشروب غازي، يعطون اللاعبين ملابس اللعب وكرات، ومساعدات، وكان فريق سينالكو ينافس على مباريات ودورات خارج ” الفريج ”، وكانت دورة بوسمرة التي يديرها ماجد سلطان تُقام في الصيف وكنت ألعب معهم، وفي الشتاء ألعب مع فريق المحرق.
كلية لتخريج اللاعبين
فريق التحرير قبل مدرسة الدوي كان من ضمن لاعبينه جمعة بو صباح ومجرن وأخي محمد الفايز، واللاعب حسين، وجاسم علي خالد الذي كان من أشهر اللاعبين لدينا، لأنه يلعب برجله اليسار وحين يركل الكرة كان يركلها بقوة تجعل من تصيبه كمن أصيب برصاصة، وكان مشهور بتسجيل الأهداف، وكان من ضمن اللاعبين أيضاً حسن بو صباح وحميد فخرو، كنا نتقاسم فريقين في ” الداعوس ” أسفل سدرة الكنار، وحين أُنشأت مدرسة الدوي كانت تقام فيها دورات قصيرة لشباب ” الفريج ” بينما دورات بوسمرة تُقام خارج المنطقة، كانت الأنشطة التي نمارسها فقط كرة القدم، وكان الجمهور يجلس على ” السور ” ويتابع، ولم يكن هناك أنشطة أخرى إلا كرة الطائرة، كانت الدورات والمسابقات التي تُقام بين فريقين، تكون جائزتها بسكوت أو شيء بسيط آخر، ولم يكن هناك كأس. كانت ساحة الدوي بمثابة كلية لتخريج اللاعبين، لاعبين الجزيرة والحالة والمحرق أغلبهم لعبوا في ساحة الدوي حين كانوا صغار، فحين كبروا أخذتهم الأفرقة، وصاروا لاعبين.
0 تعليقات